زوار الصفحة

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

تأثير القنوات الفضائية في تكوين شخصية الطفل - غيداء سرحان

تأثير القنوات الفضائية في تكوين شخصية الطفل
دراسة سوسيولوجية تطبيقية على عينة من الأطفال
2002 م
مقدّمة:
نتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي السريع الذي اجتاح العالم ، شهدت السنوات الأخيرة من القرن العشرين ظهور القنوات الفضائية وانتشارها على نطاق واسع ، ما أدّى إلى تحول العالم إلى   قرية كونية صغيرة تربطها شبكة اتصالات واحدة عبر الأقمار الصناعية ، كما تنامت قوة الإعلام الفضائي ، وزادت المنافسة بين القنوات الفضائية على استقطاب  المشاهدين أمام الأجهزة المرئية ، وذلك من خلال ما تبثه من برامج علمية وثقافية وترفيهية وأيديولوجيات متعددة موجهة إلى المشاهدين باختلاف مراحلهم العمرية  ، إلاّ أنها بالتأكيد أكثر تأثيراً على الأطفال والمراهقين نتيجةً للاستعداد السيكولوجي  والتغيّرات البيولوجية المرافقة لهذه الشريحة السنيّة .

وانطلاقاً مما سبق تم في هذه الدراسة اختبار تأثير القنوات الفضائية في شخصية  الطفل من خلال ما يقدمه الإعلام الفضائي الموّجه إلى الطفل بصفة خاصة ، ومدى استفادة الطفل من هذا الزخم الإعلامي في تنمية مداركه الثقافية والسلوكية وفي  تفاعله مع البيئة المحيطة به ،كما تحاول الدراسة التعرف على الآثار الإيجابية والسلبية التي قد تخلّفها المادة الإعلامية من خلال ما تبثه القنوات الفضائية على تكوين شخصية الطفل .
تحديد موضوع الدراسة :
إن استخدام الأقمار الصناعية في المجال الإعلامي وبث القنوات الفضائية ، أحدث تغيرات جوهرية في دور الإعلام جعلت منه محوراً أساسياً في منظومة المجتمع ، فهو اليوم محوراً لثقافة الكبار ورافداً مهماً لتنشئة الصغار ، حيث تستهدف القنوات الفضائية مستقبلي مادّتها في البيوت ، أين توجد القاعدة العريضة من جمهور المشاهدين الذين  يستهلكون ويمتصّون ما يُعرض عليهم من  الإنتاج الثقافي لتلك القنوات .
لقد أصبحت القنوات الفضائية تتجه نحو التخصّص ، لذا فهي لا تتوقف عن زيادة برامجها ومصادر  معلوماتها ومنافذ توزيعها ، في الوقت نفسه الذي يتزايد فيه التوجه نحو القنوات الفضائية المتخصصة في الأخبار والإعلام الثقافي والتعليمي والديني .
ومع انتشار  ” الصحون الفضائية  ” في السنوات الأخيرة تحولت هذه الظاهرة إلي ظاهرة اجتماعية عامة مما دفع بالعديد من الباحثين في مجال علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع الإعلامي والتربوي إلي دراستها كظاهرة لها أثارها الاجتماعية والنفسية والثقافية ، وتتبع هذه الآثار في أنماط تفكير وسلوك المشاهدين وفي مقدمتهم الأطفال ، ودراسة طبيعة الدور التربوي والتوجيهي الذي تلعبه القنوات الفضائية في تنشئة الأطفال وما قد تغرسه في شخصية الطفل من قيم وسلوكيات تؤثر في مظهره الخارجي ومستواه الدراسي وتوافقه الاجتماعي .
وبذلك يرتكز اهتمام هذه الدراسة حول تحديد أثر القنوات الفضائية بما تقدمه من برامج وثقافات متعددة في شخصية الطفل وثقافته ، وقدراته علي الاستفادة منها في تأسيس مدركاته الثقافية والحياتية ،كما تحاول هذه الدراسة البحث عن الآثار السلبية  للقنوات الفضائية علي سلوك وثقافة الطفل .
ويمكن أن نحدّد أهم متغيرات الدراسة فيما يلي :
المتغير المستقل : (القنوات الفضائية ) من حيث نوعية البرامج التي تقدمها وعدد ساعات  البث المرئي … الخ .
المتغير التابع : ( شخصية الطفل ) حيث نتناولها من بعدين هما :
(1) البعد السلوكي ” المتمثل في أنماط السلوك التي يقوم بها الطفل كمظهره الخارجي وعلاقاته بالمحيط الاجتماعي …. الخ “
(2) البعد الثقافي ( المعرفي ) ” المتمثل في الكم المعرفي لدى الطفل مثل مستواه العلمي ، ومدي إلمامه بالمعلومات العامة … الخ ” .
المتغير السابق : ( الدور الأسرى في توجيه الطفل ) “المستوي التعليمي للأم والأب ، المراقبة والتوجيه في اختيار البرامج …الخ ” .
وتأسيساً علي ما سبق  يمكن إجمال الأسئلة البحثية لهذه الدراسة فيما يلي :
هل توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين نوعية البرامج التي تقدمها القنوات الفضائية  وتأسيس سلوكيات إيجابية أو سلبية لدى الطفل بمجتمع البحث ؟
هل توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين نوعية البرامج التي تقدمها القنوات الفضائية وزيادة الكم المعرفي للأطفال بمجتمع البحث ؟
هل تؤثر القنوات الفضائية في إضعاف دور الأسرة والمدرسة في تكوين شخصية الطفل ؟
هل تؤثر القنوات الفضائية في تكوين شخصية الطفل بمجتمع البحث ؟
أهمية الدراسة ومبرراتها :
أهمية الدراسة = تكمن أهمية الدراسة في مجالين هما :
المجال العلمي : تساهم في إثراء المكتبة الجامعية وإثراء التراث السوسيولوجي في مجال من   أهم المجالات الاجتماعية وهو ( دور الإعلام في التنشئة الاجتماعية ) .
المجال الاجتماعي : تكمن أهمية الدراسة علي المستوي المجتمعي فيما تقدمه نتائجها النابعة   من الواقع من معطيات واقعية تفيد الجهات المختصة والقائمين على المجال التربوي ، والاستفادة منها في معالجة الإشكاليات التي تواجه التربويين والقائمين علي التنشئة  الاجتماعية .
المبررات : أ ـ عدم توفر معلومات كافية عن الظاهرة موضوع الدراسة نظراً لقلّة الأبحاث العلمية التي  تتناول دور القنوات الفضائية في تكوين شخصية الطفل .
ب ـ طبيعة التغيرات التي يشهدها المجتمع الليبي في الآونة الأخيرة بصفة عامة بين الأصالة والمحافظة من جهة والتغريب والتقليد من جهة أخري .
أهداف الدراسة :
ـ الكشف عن الخصائص التربوية والتوجيهية للقنوات الفضائية كوسيلة تربوية ودورها في  تنشئة الأطفال .
ـ تحديد أثر تلك الوسائل في تشكيل شخصية الطفل .
ـ التعرّف على التأثيرات الإيجابية والسلبية للقنوات الفضائية علي سلوك وثقافة الطفل .
ـ معرفة دور الأسرة في توجيه الطفل لاختيار البرامج التي يشاهدها.
ـ التعرّف علي الأوقات التي يقضيها الطفل في مشاهدة برامج القنوات الفضائية.
ـ تفيد المقترحات والتوجيهات في توعية الأُسر وإرشاد ذوي الاختصاص .
أولاً :لمحة تاريخية عن تطور القنوات الفضائية :
تُعد الإذاعة المرئية أهم وسائل الاتصال في الوقت الحاضر ومن أخطر الوسائل الإخبارية والتربوية والإعلامية لما تتمتع به من خصائص وإمكانات لا تتوفر في وسائل أخرى ، ويمكن إرجاع بداية التطوير للإذاعة المرئية لعام  1839 إفرنجي على يد العالم الفيزيائي (الكسندر أدموند بيكيل ) ، وفى عام 1884 إفرنجي أخترع العالم الألماني ( بول نيكو) عملية المسح الصوري الأسطوري والمرئي والميكانيكي وطوّرها فدخل التلفزيون عصور تجريبية جديدة ، كما واصلت شركات مثل شركة “R.C.A  ” أبحاثها الخاصة بالتلفزيون في مدينة نيويورك عام 1930 إفرنجي ، وفي عام 1936 إفرنجي كان في استطاعة أجهزة الاستقبال المرئي التقاط  الإشارة عن بعد ميل واحد ، لقد طُوّر استخدام التلفزيون  بعد ذلك حيث أدخلت عليه تحسينات كبيرة وسارعت الدول في انتقائه كوسيلة إعلامية ذات أهمية كبرى للتأثير علي الجماهير (1).
لقد أضحت الإذاعة المرئية في النصف الثاني من القرن العشرين مُعجزة القرن حيث بدأت التأثير على المشاهد بشكل واضح مُأثرةً على تفكيره وعلى ثقافته وعلى سلوكه مُشكّلةً  لشخصيته من خلال ما يضخه المسيطرون على شركات الإعلام من ثقافات يريدون للمتلقي التّشبع بها ، ويقول ( بورستين ) أن الإذاعة المرئية تعد أروع عدسة لها هذه الزاوية المشعة التي أخترعها الإنسان، والتلفزيون له تأثير ساحق في نطاق مفهوم الإنسان المعاصر(2) ، وفي المنطقة العربية كان النظام الإعلامي العربي يستقبل الرسائل المرئية كوسيلة اتصال حديثة ، ومن  الضروري الإشارة إلى نقطتين لعبتا دوراً كبيراً في نشأة التلفزيون العربي وهما: (3)
ـ التلفزيون أصبح ضرورة إعلامية لعالمنا .
ـ تفهم القادة والحكام العرب للدور الكبير الذي يلعبه التلفزيون كوسيلة مهمة لإدارة الشعوب سياسياً واجتماعياً .
وقد ظهر في لبنان عام 1949  وفي الجزائر والعراق عام 1956 إفرنجي  وفي مصر وسوريا عام 1960 إفرنجي وفي الكويت عام 1961 إفرنجي  وفي الجماهيرية العظمى والأردن عام 1968 إفرنجي  حيث أن أول بث تلفزيوني في الوطن العربي بدأ في عام 1947 م في المملكة العربية السعودية عندما قامت شركة أرامكو ببناء محطة تلفزيونية ، أمّا ما يتعلق بتطور الفضائيات عبر الأقمار فقد ظهر في كل من  الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية كما لحق بهذا الركب العديد من الدول الأخرى  مثل فرنسا والصين و اليابان ، ومع مرور الوقت و إطلاق الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية تم التغلّب  علي العديد من المشاكل الفنية المتعلقة بإيصال الأقمار الصناعية إلى مداراتها  وعند الانتهاء من  هذه المرحلة ستكون عملية الإرسال والاستقبال كالأتي : محطة الإرسال الأرضية إلى القمر الصناعي إلى المشاهدين وبذلك يتم اختصار عامل الزمن ، وتتم عمليات التحكّم في الإشارة وكذلك في المواد الإذاعية المرسلة إلى المتلقي .(1).
ثانياً : بعض سمات الإذاعة المرئية الليبية :
بما أن الإعلام وعاء للثقافة ، وخاصة الإذاعة المرئية ، فإن الإذاعة المرئية للجماهيرية العظمى تمتاز بسمات خاصّة من خلال البرامج والمواد الإعلامية التي تقدمها ، حيث تنطلق من الالتزام   الديني والقومي والإنساني والثوري وذلك في ظل الطرح الحضاري للنظرية العالمية الثالثة فكر  الكتاب الأخضر ، كما تبث الإذاعة المرئية الليبية بعض البرامج التعليمية لبعض المراحل الدراسية ، ويمكن القول إن الجهاز المرئي انتشر بمعدل 100% في الجماهيرية ، وجاءت الأقمار الصناعية بغزو جديد ليهدد عقل وقلب الإنسان حيث هناك ما يقارب من مائة قمر صناعي يدور حول الأرض ، ما يزيد من صعوبة المهام الملقاة على عاتق الإذاعة المرئية للجماهيرية العظمى بخطها الملتزم .
ثالثا _ القنوات الفضائية وبرامج الأطفال :
يتميز العصر الحديث بقفزات تكنولوجية للاتصال بطريقة مذهلة فاقت توقعات الخبراء   وبخاصة فيما يتعلق بالبث المرئي والمعلومات ، عندما نجح الإنسان في تحقيق التوافق بين الكمبيوتر والوسائل التكنولوجية في مجال الاتصال والتكامل بينها بصورة أدّت إلى حدوث ثورة في  مجال المعلومات (2).، فالانفتاح العالمي في الاتصالات بين المجتمعات على الكرة الأرضية وما ينتج عن هذا من نقل للعلوم والثقافات والأفكار تحتم على التربية المنهجية أن تغيّر محتواها وأساليبها لتعمل على تخفيف حدة هذا النقل وتهيئة الناشئة نفسياً وإدراكياً لفهم  استخدام الصالح منها  (3).
وقد اتسعت البرامج بمختلف اختصاصاتها واهتماماتها ويبرز بينها تلك البرامج التي تختص  بالأطفال على مختلف أعمارهم ، إذ أصبح تدفّق المعلومات وأسبابها والحصول عليها من قبل الناس جميعاً ممكن ، وصار للفرد صغيراً أو كبيراً الحق في الحصول على هذه المعلومات والحرية على امتلاكها ومقارنتها وتحليلها وتشكيل موقف في ضوء ذلك .(3) .
كما سلك الوطن العربي مسلك الشعوب الأخرى في العالم  ببثه البرامج الخاصة بالأطفال التي لعبت وما زالت دوراً حيوياً في تشكيل شخصية الطفل ، إذ أصبح الجهاز المرئي يوصف من قبل الكثير بأنه الوالد الثالث لما له من قوة تأثير في التنشئة الاجتماعية فاقت في بعض برامجها  تشكيل شخصية الطفل وفق ما تمليه ثقافة المجتمع ، كما أصبح للقنوات الفضائية دوراً مميزاً   وبخاصة البرامج التربوية ، إذ زادت من مهارات الأطفال وعملت على توعيتهم وإرشادهم بما  يتوافق مع مرحلة التغيّر والتطور التي يمر بها المجتمع.
وإذا كان البث المرئي الفضائي يلعب دوراً إيجابياً في تشكيل شخصية الطفل من خلال البرامج التربوية والإرشادية ، فإنه أيضاً في الوقت نفسه يعمل على تخريب شخصية الطفل من خلال البرامج التي لا تتفق مع ثقافة وتوجيهات الأُسر العربية مما زاد من خطورة هذه الفضائيات على النشء الجديد وجعلهم يمرون بمرحلة اغتراب خطيرة في عصر تتزاحم فيه هذه البرامج من مصادر مختلفة لها ثقافات مختلفة .
من خلال هذا نستطيع القول أن البث المرئي الفضائي سيف ذو حدّين فهو إذا أستُخدم  بشكل موضوعي ومنهجي منظم ، ومن خلال البرامج التربوية والإرشادية الموجهة عمل على تشكيل شخصية الطفل بصورة إيجابية ، أما إذا لم يكن هناك تنظيماً موجهاً للقنوات الفضائية  وفي نفس الوقت إذا لم تستطع الأسرة اختيار البرامج الملائمة فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية سلبية تؤثر في تشكيل هذه الشخصية .
وفي مجال القنوات الفضائية العربية أصبح للقمر عربسات وإذاعات الدول العربية المرئية حضورها في الأسرة العربية ولا سيما على الطفل العربي ، وأصبح من الممكن إيصال رسالة من كل قطر إلى المتلقي العربي في كل مكان ، وصار المتلقّون العرب يقبلون على المحطات العربية لا بسبب اللغة فحسب ، بل بسبب جاذبية النظام الثقافي والنظام القيمي المشترك حيث يجد المواطن نفسه في المادة المعروضة بشكل أو بآخر ويجد ما يلبي حاجته إلى الصورة العربية ، وهذه النقطة  تُحسب   لصالح القنوات الفضائية العربية .
إن التنوّع في طبيعة القنوات الفضائية العربية وفي برامج الأطفال يبرّرها حتماً تنوع الجمهور المستهلك الذي نجد له تصنيفات متعددة ، لكن التصنيف الأهم هو الذي يعتمد على الرقعة الجغرافية وهو الذي يحدد طبيعة الاتصال وغاياته وهو جمهور عربي داخل وخارج المنطقة العربية ،(1). وينبغي أن نبين أنه ليس لأيّة قناة عربية القدرة على أن تستهدف كل هذه الجماهير إلاً إذا استعملت أكثر  من قمر صناعي في إرسالها .
من خلال هذا العرض نتوصل إلى أهمية القنوات الفضائية في تشكيل شخصية الطفل وإبراز اهتماماته في عالم متغير أصبحت الثقافة فيه سريعة التغير والتنوع ، وبرزت اهتمامات خاصة  بالأطفال تشكلت من خلال تأثير هذه البرامج الفضائية مما أعطى للطفل مساحة أكبر من الاهتمام ، وبالتالي أثر ذلك في سلوكه الاجتماعي داخل الأسرة وسلوكه مع أقرانه ، وبالإضافة  إلى ظهور نمط جديد من الشخصية يختلف عن ذاك النمط التقليدي الذي نشئ في ظل ثقافة تقليدية ، لعبَ الوالدان وثقافة الأسرة فيه دوراً رئيسياً .
رابعاً : الفضائية الليبية وبرامج الأطفال :
في ظل الظروف الجديدة التي يمر بها المجتمع العربي الليبي وما يشهده من تغيرات واسعة في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، بدأ اهتمام الباحثين في تسليط الضوء على أهمية البث الفضائي على الشباب و في تشكيل شخصية الإنسان الذي يعيش ظروفاً متغيرة ، لذا فأن تأثير القنوات الفضائية في تشكيل شخصية الطفل أصبح واقعاً واضحاً في كل يوم وفي كل لحظة ، إذ أصبحت ثقافة الطفل مقترنة بما يشاهده يومياً من برامج مرئيّة متنوعة ومن مصادر مختلفة ومن ثقافات عربية وأجنبية مما أوقع الأسرة اليوم تحت ضغوط شديدة فكان على القناة الفضائية أن تعمل على ضبط نوعية برامجها بما يتلاءم مع طبيعة المرحلة التي يمر المجتمع بها .
أهمية القنوات الفضائية في تشكيل شخصية الطفل:
نعيش اليوم في عالم تحاصرنا فيه وسائل الإعلام من كل جهة ، فتحاصرنا الكلمة المكتوبة في الصحيفة والكتاب والمجلة ؛ وتحاصرنا الكلمة المسموعة في الإذاعة وتحاصرنا الصورة و الكلمة في الإذاعة المرئية ، ولا شك أنه في ظل المجتمعات الإعلامية أصبحت شخصية الطفل إلى حد ما من صنع وسائل الإعلام بالإضافة إلى الأسرة والمدرسة .(1).
ولقد أوجدت طبيعة العصر وتطور الحياة الاهتمام بالطفولة وبرامجها و وسائل إعلامها التي أصبحت تلعب دوراً هاماً في تشكيل شخصيات الأطفال من خلال ما تنقله في مادتها وشكلها وأنشطتها من قيم ونماذج وتفاعلات وتوجهات صريحة أو ضمنية ، ونظراً لما تقوم به وسائل الإعلام من وظائف نفسية في حياة الطفل تجعلنا نشير إليها لدرجة تكاد تشكل معها عالمها الخاص .(2).
ولكل وسيلة من وسائل الإعلام مميزات وخصائص تميزها عن الوسيلة الأخرى وتختلف في التأثير الذي تحدثه في الأطفال ، فالملاحظ أن البرامج المسموعة والقصص والكتب قد تراجعت أمام الجهاز المرئي الذي أصبح يحظى باهتمام الأطفال بشكل كبير ، فالجهاز المرئي هو نافذة صغيرة يرى فيها الطفل وهو في بيته العالم الخارجي الكبير ، وعليه يرى الطفل مشاهد من بلاد بعيدة ونماذج من سلوك الكبار ، كما أن الجهاز المرئي يؤدي نشاطاً كبيراً في الإعلان عن مختلف احتياجات الطفل وهذا في حد ذاته ثقافة كبيرة . (3) .
فيما يلي نوجز أهم الخصائص المميزة للأجهزة المرئية باعتبارها وسيلة لعرض برامج القنوات الفضائية :
1 ـ إن الجهاز المرئي يجمع بين الكلمة المسموعة والصورة المرئية مما يزيد من قوة تأثيره ومدى فائدته التثقيفية لاعتماده على وسيلتين من وسائل التطبيق يستخدمها في وقت واحد (1).
2 ـ إن الجهاز المرئي يتميز بقدرته على جذب المشاهد وخاصة صغار السن وتحقيق درجة عالية من المشاركة من خلال ما يقدمه من مواد تعليمية وترفيهية إضافة إلى الدور التربوي الذي يقوم به .
3 ـ يتعامل مع المشاهد مباشرة ، فالمرسل في هذه الوسيلة يخاطب المستقبل وجهاً لوجه .(2).
4 ـ إمكانية نقل الأحداث الاجتماعية على الهواء ساعة وقوعها ونقل الكثير من الجوانب الثقافية والمعنوية والمادية للمشاهد ونقل خبرات الأشخاص ذوي المواهب والتخصصات النادرة ، وبإلقاء المحاضرات وعرض البرامج والندوات والأفلام العلمية عن عالم الحيوان أو حياة الشعوب و أساليب حياتها .(3).
5 ـ الصورة المتحركة الناطقة التي يقدمها هذا الجهاز تجعل المشاهد يتابع الأحداث في مكانه دون  أن يكلف نفسه عناء الخروج من منزله للبحث عنها .
6 ـ إن المادة المعروضة على الجهاز تعتبر أقرب بديل للخبرة الحقيقية .
7 ـ يتميز الجهاز المرئي بقدرته على تحويل المجردات إلى محسوسات ، ويُعد وسيلة جذّابة للكبار والصغار ، فهو يمتلك القدرة الفنية التي تمكنه من تحويل الخيال إلى صورة واقعية .
8 ـ يساهم بالاستغناء عن الطرق التقليدية في التعليم ، ويضيف المتعة في عملية التدريس ، مثل ما تقدّمه الفضائية الليبية من خلال برنامج منزلية التعليم .



. (1)   إنشراح الشال ، بث وافد على شاشات التلفزيون ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1993 ،  ص 9 .
. (1) محمد فلاح ، التلفزيون والعلم ، الجامعة الأردنية ، الطبعة الأولى ، 1992 ، ص 17 ،18.
. (2)  انشراح الشال ، مرجع سابق ، ص 195 .
. (3) محمد زياد حمدان ، التربية المنهجية في المستقبل خصائصها ومكوناتها المحتملة ، مجلة الباحث ، ع 35 ـ 36  ، بيروت  ، 1994 ، ص 80 .
. (3) إياد الشاكر البكري ، بعد إطلاق الأقمار البث كيف ستكون مرئية المستقبل ، مجلة الباحث ، ع 12 طرابلس ، 1997 ، ص 28 .
. (1) تقرير صادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس ، 1998 ، ص 30 ، 108 ، 177 .
; dir="rtl">. (1) صالح خليل أبو إصبع ، قضايا إعلامية ، منشورات مؤسسة البيان ، الطبعة الأولى ، 1988 ، ص 97
. (2) محمد شراب ، الإذاعة المرئية وأهميتها في حياة المجتمع ، المجلة الإعلامية ، ع 3 ، طرابلس ، السنة الاولى ، 1422 م ، ص 111 .
. (3) محمد حيدر الشيخ ، صناعة الجهاز المرئي في القرن العشرين ، الهيئة المصرية العامة الطبعة الأولى ، 1994 ، ص 20 .
. (2) محمد علي الأصفر ، أطفالنا والخيالة المرئية ، مجلة البحوث الإعلامية ، ع 7 ، 1993 ، ص 212 .
. (3) محمد شراب ، مرجع سابق ، ص 102

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق