الحمد لله المتفرد بعظمته وكبريائه ومجده..المدبر للأمور بمشيئته وحكمته وحمده.. وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وربوبيته وفضله ورفده..وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خير داع الى هداه ورشده.. اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه وجنده..أما بعد
في هذا المقال سوف نحاول معرفة مقاصد الشريعة الاسلامية في الأحكام ونرى أيضا بان الاحكام الشرعية جاءت لتحقيق مصالح الناس والحفاظ عليها.ولانه اختلط الحابل بالنابل على الملحدين وبدأوا يخبطون خبط عشواء كالناقة العمياء.
قال الامام أبو حامد الغزالي: ” ان مقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم..فكل من يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة.. وكل مايفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة.. وتحريم تفويت هذه الأصول الخمسة والزجر عنها يستحيل ألا تشتمل عليها ملة من الملل وشريعة من الشرائع التي أريد بها اصلاح الخلق.”
فنرى أن الغرض من تشريع الأحكام هو الحفاظ على الضروريات الخمس.
والضروريات هي التي لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث اذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وآل مصير الانسان في الآخرة الى الخسران المبين..وسميت كليات لأن جميع الأحكام الشرعية تؤول اليها وتسعى للحفاظ عليها.
وانطلاقا من قول الغزالي يتضح أن الضروريات أو الكليات الخمس التي يسعى الشارع الى الحفاظ عليها حسب ترتيبها هي: الدين-النفس-العقل النسل-المال
الدين : هو مجموع العقائد والعبادات والأحكام التي شرعها الله سبحانه وتعالى لتنظيم علاقة الناس بربهم وعلاقات بعضهم ببعض..حيث قصد الشارع بتلك الأحكام اقامة الدين وتثبيته في النفوس..وذلك باتباع أحكام شرعها.. واجتناب أفعال أو أقوال نهى عنها..والحفاظ على الدين ثابت بالنصوص الشرعية التي تدعو الى الايمان وترغب فيه وتتوعد على الكفر وتنفر منه..قال تعالى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } *آل عمران الاية 85*
ولأجل الحفاظ على الدين شرع الجهاد للدفاع عن عقيدة التوحيد {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ}
كما نهى عن الردة وعاقب عليها..ونهى عن الابتداع في الدين ما ليس منه.
النفس: وقد شرع الاسلام لايجادها وبقاء النوع على الوجه الأكمل الزواج والتناسل.. كما اوجب لحمايتها تناول ما يقيمها من ضروري الطعام والشراب واللباس والسكن.. وأوجب دفع الضرر عنها ففرض القصاص والدية..وحرم كل ما يلقي بها الى التهلكة.
العقل: وأوجب الحفاظ على العقل فحرم كل مسكر وعاقب من يتناوله.
النسل: واوجب حفظ العرض بتحريمه للزنا والمعاقبة عليه..وفرض حد القذف.
المال: واوجب للحفاظ على المال السعي في طلب الرزق وأباح المعاملات والمبادلات والتجارة..وللحفاظ عليه حرم السرقة والغش والخيانة واكل أموال الناس بالباطل وعاقب على ذلك.
لقد جاءت الشريعة الاسلامية للحفاظ على هاته الضروريات..وذلك باقامتها وتحقيق أركانها ودرء الخلل الواقع أو التوقع فيها..فجميع العبادات شرعت لاقامة الدين ..أما العادات من أكل وشرب ولباس ومسكن فقد شرعت لاقامة النفس والعقل..وجميع المعاملات المباحة شرعت للحفاظ على النسل والمال.. وشرعت العقوبات لدرء المفسدة المتوقعة أو الواقعة في ذلك.
وهنا يتبادر سؤال ماذا نفعل اذا كان هناك تعارض بين المصالح؟
و نقول اذا وقع تعارض بين الضروريات والحاجيات والتحسينات قدم الأولى منها فهناك قاعدة أصولية تقول: “الضروريات تبيح المحظورات من الحاجيات.. والحاجيات تبيح المحظورات من التحسينات “
*تقديم الاولى عند التعارض
ويستفاد من القاعدة الأصولية أنه اذا وقع تعارض بين الضروريات فيما بينها قدم الأولى منها حسب ترتيبها في المحور السابق وهكذا:
-يقدم الحفاظ على الدين على الحفاظ على النفس..لذا فرض الجهاد رغم ما فيه من اتلاف للنفس.
- يباح شرب الخمر عند شدة العطش او الغصة مع فقدان الماء حفاظا على النفس لأنها مقدمة على العقل..شريطة الاكتفاء بالقدر الذي يفي بسد الحاجة لأن الضرورات تقدر بقدرها.
وهكذا يقدم الأولى من الضروريات عند التعارض..وزيادة في الحفاظ على هاته الضروريات لأهميتها فان المشرع أباح المحظورات للضروريات.
وينبني على ذلك أنه اذا وقع تعارض بين ضروري وحاجي وتحسيني قدم الضروري على الحاجي والتكميلي وقدم الحاجي على التحسيني.
-فالصلاة ضرورية واستقبال القبلة مكمل ولا تسقط الصلاة بالعجز عن استقبال القبلة.
-وتناول الطعام ضروري لحفظ النفس واجتناب النجاسات تحسيني ويباح أكل الميتة عندما لا يجد المرء ما يقتات به.
-والعلاج من المرض ضروري..وستر العورة تحسيني لذا يباح كشف العورة عند الحاجة للعلاج.
*اختلاط المصالح بالمفاسد
تقرر سابقا بأن الأحكام الشرعية تحقق مصالح العباد..الا أنه لا يوجد أي فعل له مصلحة خالصة فقط ..أو له مضرة خالصة فقط.. بل ان الأفعال كلها تختلط فيها المصالح بالمفاسد أو المشاق فما العمل العمل اذن؟؟ وما هو الضابط في ذلك؟
ان الفقهاء يقصدون بالمصالح ما غلب نفعه..وبالمفاسد ما غلب ضرره..فيكون الأول مطلوبا من الشرع والتاني منهيا عنه..وهكذا فعند نزول قوله تعالى {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما} فان بعض الصحابة فهم التحريم من هاته الآيات قبل نزول الآية التي تأمر بالاجتناب وتحرمه تحريما باتا أخذا بقاعدة أن المحرم ما غلب ضرره أو مفسدته.. ذلك لأن الشارع انما يبني أوامره ونواهيه على ما غلب على الفعل أو القول من مصلحة أو مفسدة.. فالايمان بالله وأتباع أحكامه مأمور بهما لما في ذلك من المنافع الدنيوية والأخروية رغم ما فيه من تقييد النفوس وقهرها تحت سلطان التكاليف وصدها عن قضاء أوطارها.
والكفر واقتراف المعاصي منهي عنهما لما فيهما من المضار الدنيوية والأخروية رغم ما فيه من تقييد للشهوات النفس وغرائزها لذا كان الشارع كالطبيب يكلف المريض بأن يتجرع الدواء المر أحيانا لما فيه من الشفاء ولما يجلبه من الصحة والعافية.
والتعمق في فهم الشريعة ومعانيها وعدم الوقوف عند معانيها الظاهرة شيء مطلوب ومرغوب فيه شرعا..فلقد أثنى الله على الذين يتعمقون في فهم الشريعة .
*الشريعة كلها رحمة وعدل
رغم ما في التكاليف الشرعية من مشقة فانها مقدورة للانسان العادي..كما ان الشار لم يقصد المشقة لذاتها..ولكن قصد ما يحصل من ورائها من نفع لذا فان المشقة اذا كانت مقصودة لذاتها من طرف المكلف نهى عنها الشارع..فقد نذر أحدهم أن يصوم قائما في الشمس فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتم صيامه ونهاه عن القيام في الشمس قائلا: “هلك المتنطعون” وقال للنفر الذين نذروا المواظبة على الصلاة والصوم واعتزال النساء: ” أما والله اني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء..فمن رغب عن سنتي فليس مني”
ولذلك قال الأصوليون الحرج مرفوع والمشقة تجلب التيسير مصداقا لقوله تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
وفيما يلي قواعد أصولية تتعلق بمقاصد الشريعة
القاعدة الأصولية
-الحرج مرفوع ***المصدر الشرعي {وما جعل عليكم في الدين من حرج} ***مثال -النهي عن الصوم
-النهي عن الرهبانية
القاعدة الأصولية
-المشقة تجلب التيسير****المصدر الشرعي {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}*** مثال -الفطر في رمضان للمريض والمسافر
-جميع الرخص الشرعية
القاعدة الأصولية
-الضرورات تبيح المحظورات***المصدر الشرعي {فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم}
{الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان}***مثال -أكل الميتة في المخمصة
-النطق بكلمة الكفر عند الاكراه
القاعدة الأصولية
-الضرورات تقدر بقدرها**المصدر الشرعي {الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان} ***مثال -لا يجوز التزود من الميتة
القاعدة الأصولية
-دفع المفاسد أولى من جلب المصالح ****المصدر الشرعي {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما} *** مثال -تحريم كل مسكر
-تحريم الربا
القاعدة الأصولية
-الضرر يزال شرعا***المصدر الشرعي {لا ضرر ولا ضرار}***مثال -جواز الشفعة لضرر الشريك الحال أو المتوقع
-الجبر على القسمة اذا امتنع الشريك
القاعدة الأصولية
-الضر لا يزال بالضرر*** المصدر الشرعي {لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده}** مثال -ضرورة مراعاة ظروف الحاضنة والمحضون له (الوالد)
-المدين المفلس يضرب له أجل لقضاء دينه.
-الشريك تعطى له مهلة للشفعة
-لا يدفع المزارع مياه الأمطار الغزيرة عن حقله بالقائها في حقل غيره
القاعدة الأصولية
-يحتمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام*** المصدر الشرعي{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}*** مثال -قطع يد السارق لتأمين الناس على أموالهم..ونفس الشأن بالنسبة لكل العقوبات والحدود رغم مافيها من ضرر للفرد.
-بيع مال المدين جبرا عنه لأداء الدين الذي عليه اذا امتنع عن دفعه.
-المحتسب يجوز له أن يتدخل لفرض تسعيرة على المواد عندما يتجاوز التجار السعر المعقول. رغم ما فيه من ضرر للأفراد التجار.
وأرجوا من الله ان يفي المقال بالغرض وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين…
في هذا المقال سوف نحاول معرفة مقاصد الشريعة الاسلامية في الأحكام ونرى أيضا بان الاحكام الشرعية جاءت لتحقيق مصالح الناس والحفاظ عليها.ولانه اختلط الحابل بالنابل على الملحدين وبدأوا يخبطون خبط عشواء كالناقة العمياء.
قال الامام أبو حامد الغزالي: ” ان مقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم..فكل من يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة.. وكل مايفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة.. وتحريم تفويت هذه الأصول الخمسة والزجر عنها يستحيل ألا تشتمل عليها ملة من الملل وشريعة من الشرائع التي أريد بها اصلاح الخلق.”
فنرى أن الغرض من تشريع الأحكام هو الحفاظ على الضروريات الخمس.
والضروريات هي التي لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث اذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وآل مصير الانسان في الآخرة الى الخسران المبين..وسميت كليات لأن جميع الأحكام الشرعية تؤول اليها وتسعى للحفاظ عليها.
وانطلاقا من قول الغزالي يتضح أن الضروريات أو الكليات الخمس التي يسعى الشارع الى الحفاظ عليها حسب ترتيبها هي: الدين-النفس-العقل النسل-المال
الدين : هو مجموع العقائد والعبادات والأحكام التي شرعها الله سبحانه وتعالى لتنظيم علاقة الناس بربهم وعلاقات بعضهم ببعض..حيث قصد الشارع بتلك الأحكام اقامة الدين وتثبيته في النفوس..وذلك باتباع أحكام شرعها.. واجتناب أفعال أو أقوال نهى عنها..والحفاظ على الدين ثابت بالنصوص الشرعية التي تدعو الى الايمان وترغب فيه وتتوعد على الكفر وتنفر منه..قال تعالى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } *آل عمران الاية 85*
ولأجل الحفاظ على الدين شرع الجهاد للدفاع عن عقيدة التوحيد {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ}
كما نهى عن الردة وعاقب عليها..ونهى عن الابتداع في الدين ما ليس منه.
النفس: وقد شرع الاسلام لايجادها وبقاء النوع على الوجه الأكمل الزواج والتناسل.. كما اوجب لحمايتها تناول ما يقيمها من ضروري الطعام والشراب واللباس والسكن.. وأوجب دفع الضرر عنها ففرض القصاص والدية..وحرم كل ما يلقي بها الى التهلكة.
العقل: وأوجب الحفاظ على العقل فحرم كل مسكر وعاقب من يتناوله.
النسل: واوجب حفظ العرض بتحريمه للزنا والمعاقبة عليه..وفرض حد القذف.
المال: واوجب للحفاظ على المال السعي في طلب الرزق وأباح المعاملات والمبادلات والتجارة..وللحفاظ عليه حرم السرقة والغش والخيانة واكل أموال الناس بالباطل وعاقب على ذلك.
لقد جاءت الشريعة الاسلامية للحفاظ على هاته الضروريات..وذلك باقامتها وتحقيق أركانها ودرء الخلل الواقع أو التوقع فيها..فجميع العبادات شرعت لاقامة الدين ..أما العادات من أكل وشرب ولباس ومسكن فقد شرعت لاقامة النفس والعقل..وجميع المعاملات المباحة شرعت للحفاظ على النسل والمال.. وشرعت العقوبات لدرء المفسدة المتوقعة أو الواقعة في ذلك.
وهنا يتبادر سؤال ماذا نفعل اذا كان هناك تعارض بين المصالح؟
و نقول اذا وقع تعارض بين الضروريات والحاجيات والتحسينات قدم الأولى منها فهناك قاعدة أصولية تقول: “الضروريات تبيح المحظورات من الحاجيات.. والحاجيات تبيح المحظورات من التحسينات “
*تقديم الاولى عند التعارض
ويستفاد من القاعدة الأصولية أنه اذا وقع تعارض بين الضروريات فيما بينها قدم الأولى منها حسب ترتيبها في المحور السابق وهكذا:
-يقدم الحفاظ على الدين على الحفاظ على النفس..لذا فرض الجهاد رغم ما فيه من اتلاف للنفس.
- يباح شرب الخمر عند شدة العطش او الغصة مع فقدان الماء حفاظا على النفس لأنها مقدمة على العقل..شريطة الاكتفاء بالقدر الذي يفي بسد الحاجة لأن الضرورات تقدر بقدرها.
وهكذا يقدم الأولى من الضروريات عند التعارض..وزيادة في الحفاظ على هاته الضروريات لأهميتها فان المشرع أباح المحظورات للضروريات.
وينبني على ذلك أنه اذا وقع تعارض بين ضروري وحاجي وتحسيني قدم الضروري على الحاجي والتكميلي وقدم الحاجي على التحسيني.
-فالصلاة ضرورية واستقبال القبلة مكمل ولا تسقط الصلاة بالعجز عن استقبال القبلة.
-وتناول الطعام ضروري لحفظ النفس واجتناب النجاسات تحسيني ويباح أكل الميتة عندما لا يجد المرء ما يقتات به.
-والعلاج من المرض ضروري..وستر العورة تحسيني لذا يباح كشف العورة عند الحاجة للعلاج.
*اختلاط المصالح بالمفاسد
تقرر سابقا بأن الأحكام الشرعية تحقق مصالح العباد..الا أنه لا يوجد أي فعل له مصلحة خالصة فقط ..أو له مضرة خالصة فقط.. بل ان الأفعال كلها تختلط فيها المصالح بالمفاسد أو المشاق فما العمل العمل اذن؟؟ وما هو الضابط في ذلك؟
ان الفقهاء يقصدون بالمصالح ما غلب نفعه..وبالمفاسد ما غلب ضرره..فيكون الأول مطلوبا من الشرع والتاني منهيا عنه..وهكذا فعند نزول قوله تعالى {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما} فان بعض الصحابة فهم التحريم من هاته الآيات قبل نزول الآية التي تأمر بالاجتناب وتحرمه تحريما باتا أخذا بقاعدة أن المحرم ما غلب ضرره أو مفسدته.. ذلك لأن الشارع انما يبني أوامره ونواهيه على ما غلب على الفعل أو القول من مصلحة أو مفسدة.. فالايمان بالله وأتباع أحكامه مأمور بهما لما في ذلك من المنافع الدنيوية والأخروية رغم ما فيه من تقييد النفوس وقهرها تحت سلطان التكاليف وصدها عن قضاء أوطارها.
والكفر واقتراف المعاصي منهي عنهما لما فيهما من المضار الدنيوية والأخروية رغم ما فيه من تقييد للشهوات النفس وغرائزها لذا كان الشارع كالطبيب يكلف المريض بأن يتجرع الدواء المر أحيانا لما فيه من الشفاء ولما يجلبه من الصحة والعافية.
والتعمق في فهم الشريعة ومعانيها وعدم الوقوف عند معانيها الظاهرة شيء مطلوب ومرغوب فيه شرعا..فلقد أثنى الله على الذين يتعمقون في فهم الشريعة .
*الشريعة كلها رحمة وعدل
رغم ما في التكاليف الشرعية من مشقة فانها مقدورة للانسان العادي..كما ان الشار لم يقصد المشقة لذاتها..ولكن قصد ما يحصل من ورائها من نفع لذا فان المشقة اذا كانت مقصودة لذاتها من طرف المكلف نهى عنها الشارع..فقد نذر أحدهم أن يصوم قائما في الشمس فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتم صيامه ونهاه عن القيام في الشمس قائلا: “هلك المتنطعون” وقال للنفر الذين نذروا المواظبة على الصلاة والصوم واعتزال النساء: ” أما والله اني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء..فمن رغب عن سنتي فليس مني”
ولذلك قال الأصوليون الحرج مرفوع والمشقة تجلب التيسير مصداقا لقوله تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
وفيما يلي قواعد أصولية تتعلق بمقاصد الشريعة
القاعدة الأصولية
-الحرج مرفوع ***المصدر الشرعي {وما جعل عليكم في الدين من حرج} ***مثال -النهي عن الصوم
-النهي عن الرهبانية
القاعدة الأصولية
-المشقة تجلب التيسير****المصدر الشرعي {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}*** مثال -الفطر في رمضان للمريض والمسافر
-جميع الرخص الشرعية
القاعدة الأصولية
-الضرورات تبيح المحظورات***المصدر الشرعي {فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم}
{الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان}***مثال -أكل الميتة في المخمصة
-النطق بكلمة الكفر عند الاكراه
القاعدة الأصولية
-الضرورات تقدر بقدرها**المصدر الشرعي {الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان} ***مثال -لا يجوز التزود من الميتة
القاعدة الأصولية
-دفع المفاسد أولى من جلب المصالح ****المصدر الشرعي {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما} *** مثال -تحريم كل مسكر
-تحريم الربا
القاعدة الأصولية
-الضرر يزال شرعا***المصدر الشرعي {لا ضرر ولا ضرار}***مثال -جواز الشفعة لضرر الشريك الحال أو المتوقع
-الجبر على القسمة اذا امتنع الشريك
القاعدة الأصولية
-الضر لا يزال بالضرر*** المصدر الشرعي {لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده}** مثال -ضرورة مراعاة ظروف الحاضنة والمحضون له (الوالد)
-المدين المفلس يضرب له أجل لقضاء دينه.
-الشريك تعطى له مهلة للشفعة
-لا يدفع المزارع مياه الأمطار الغزيرة عن حقله بالقائها في حقل غيره
القاعدة الأصولية
-يحتمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام*** المصدر الشرعي{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}*** مثال -قطع يد السارق لتأمين الناس على أموالهم..ونفس الشأن بالنسبة لكل العقوبات والحدود رغم مافيها من ضرر للفرد.
-بيع مال المدين جبرا عنه لأداء الدين الذي عليه اذا امتنع عن دفعه.
-المحتسب يجوز له أن يتدخل لفرض تسعيرة على المواد عندما يتجاوز التجار السعر المعقول. رغم ما فيه من ضرر للأفراد التجار.
وأرجوا من الله ان يفي المقال بالغرض وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق